السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للتربية دور كبير في تنشئة الطفل وتقويمه، والأم بهذه المهمة تكون مسئولة عن جزء كبير من مستقبل أبنائها، وحين نقول التربية فإننا نعني المعني الواسع للكلمة الذي لا يقع عند حد العقوبة أو النهي والأمر، ولكننا نعني كيفية إعداد شخصية الأبناء من كافة الجوانب الإيمانية والنفسية والعقلية حتى يستطيعوا النجاح في حياتهم، مما يتطلب أن يعي كل من الأب والأم دورهما الكبير في تشكيل شخصية أبنائهما.
بعض المقترحات والنقاط المهمة التي يجب أن تضعها الأم في الاعتبار عند تربية أبنائها، فمثلا التنشئة الدينية يحصرها كثير من الناس في بعض التوجيهات والأوامر، لكن علينا أن نعلم أن هناك فرقًا بين شخص يعاقب ابنه لأنه لا يصلي وآخر يغرس عند ابنه حب الصلاة، كما أن هناك فرقًا بين شخص يعاقب ابنه حين يتفوه بكلمة خارجة وبين آخر يغرس عند ابنه رفض هذه الكلمة ونبذها وكيفية اختيار الكلمات التي يجب النطق بها في المواقف الخاصة؛ فهذا هو مفهوم التربية بمعناها الواسع.
وهناك جانب آخر في التربية لابد أن يهتم به الأم والأب معًا، وهو كيفية الاعتناء بنظام المنزل احترام المواعيد وحسن التعامل مع الآخرين فلذلك أثره الإيجابي في تقويم سلوكيات الاعتناء بنظام المنزل كذلك فللأسف الكثير منا يعاني الفوضوية في الحياة المنزلية والتعامل مع الآخرين وعدم احترام المواعيد والسبب يرجع إلى التربية الخاطئة وكان لهذه السلوكيات أثرها السلبي على أسلوب تفكيرنا فأصبحنا فوضويين أيضا في التفكير لذا نحن في حاجة إلى تربية أولادنا علي النظام في غرفهم وترتيب أوراقهم واحترام مواعيد الطعام وحسن استقبال الضيوف وكيفية التعامل بأدب مع الجميع. كما يجب على الأم أن تعتني بتلبية حاجات الطفل النفسية فمثلا يحتاج الطفل إلى أن يكون محل اهتمام الآخرين وخاصة والديه وهي حاجة تنشأ معه من الصغر فهو يبتسم ويضحك ليلفت انتباههم وينتظر منهم التجاوب معه في ذلك فضلا عن الاهتمام بحاجات الطفل من الطعام والشراب وتلافي إظهار الانزعاج والقلق فضلا عن السب والاتهام بسوء الأدب حين يوقف أمه مثلا لتعطيه طعامه وشرابه ومن أسوأ صور تجاهل حاجة الطفل إلى ذلك عندما تترك الأم أبناءها وتغلق بابها للنوم وتبدأ في نهرهم حين يطلبون منها الطعام.
استماع
والصورة الجيدة لتربية الطفل لا تكتمل إلا بحسن الاستماع له فهو يحكي قصة أو يطرح أسئلة ويحتاج لأن ينصت له والداه، ويمكن أن توجه له أسئلة تدل على تفاعلها معه وانتباهك له ومن الوسائل المفيدة في ذلك سعي الأم لأن تعبر عن الفكرة التي صاغها الطفل بلغته الضعيفة بلغة أقوى مما يجعله يكتسب عادات لغوية أفضل. شيء آخر لابد من التنبيه له وهو ضرورة التخلص من أثر المشاعر الشخصية للأم التي تعود من عملها مرهقة أو محملة بهموم مشكلات العمل فيفاجأ أبناؤها بعدم تفاعلها معهم لذا ينبغي للوالدين الحرص علي عدم تأثير المشاعر والمشكلات الخاصة على اهتمامهم بأولادهم. يحتاج الطفل إلى الشعور بثقته بنفسه وأن الآخرين يثقون فيه ويبدو ذلك من خلال تأكيده أنه أكبر من فلان أو أقوى منه فنحن بالفعل في حاجة إلى غرس الثقة في نفوس أطفالنا ليدركوا أنهم قادرون على تحقيق أمور كثيرة ويمكن أن يتم ذلك من خلال تكليفهم بأعمال يسيرة يستطيعون إنجازها مع تجنب السخرية والنقد اللاذع لهم حين يقعون في الخطأ وعلينا أن ندرك أن كثيرا من أخطاء الأم التربوية مع أطفالنا تكمن في سوء التعامل مع الأفعال المرفوضة التي تصدر منهم فمثلا لابد أن نتحرر من المثالية التي نرغب في أن نربي أبناءنا عليها في المراحل الأولى لتربيتهم فكثيرا ما نطالبهم بما لا يطيقون ومن ثم نلومهم على ما نعده أخطاء فمثلا الطفل في بداية عمره لا يملك التوازن الحركي لذا فقد يحمل الكوب فيسقط منه ويكسر فبدلا من عقابه وتأنيبه نعلمه بأسلوب مهذب كيفية الإمساك بالكوب والحفاظ عليه ونقوم أمامه بإزالة أثر الزجاج حتى لا يصيب أحدا فمثل هذا الأسلوب يحدد له الخطأ من الصواب ويعوده على تحمل مسئولياته ويشعره بالاهتمام والتقدير.
عقاب
وتأسف الدكتور حنان إلى اضطرار الأم لعقوبة طفلها وهي في حالة غضب شديد فتتحول العقوبة من تأديب وتربية إلى انتقام فتخلف لديه مشاعر سلبية قد تظل عالقة بنفسه حتى يصبح شيخا والسبب أننا لم نحسن اختيار الأسلوب الأمثل للعقاب. ويجب أيضا تجنب البذاءات في القول والتأنيب عند عقابهم فبعض الأمهات حين يغضبن يوجهن إلى أبنائهن ألفاظا بذيئة أو عبارات وقحة وهذا له أثره على تعويد الأبناء النطق بالألفاظ غير المرغوبة ومن الأمور المهمة عند علاج أخطاء الأطفال أن نتجنب إهانتهم أو وصفهم بالفشل والفوضوية والغباء فهذا له أثره البالغ على فقدانهم للثقة بأنفسهم ومحاولة إثبات ذاتهم بأشكال سلبية نرفضها كذلك يجب تجنب إحراج طفلك أمام الآخرين فإذا كنا لا نرضي أن ينتقدنا أحد أمام الناس فأطفالنا كذلك فحين يقع الطفل في خطأ أمام الضيوف فليس من المناسب أن تقوم أمه بتأنيبه أو إحراجه أمامهم أو أمام الأطفال الآخرين.
تقليد
وتتعدد الأخطاء التي يقع فيها الأب والأم معًا ومن أهمها الكذب أمام أطفالهم وإخفاء وجودهم عن ضيوفهم مما يعوِّد الأطفال على نفس هذه السلوكيات عند الكبر لذا يجب على الأم والأب أن يعيا بأنهما القدوة أمام أطفالهم وأن إغفالهما لذلك والتصرف بتصرفات سيئة أمام الأطفال سيجعلهم بشكل تلقائي يقعون في خطأ تقليدهم. ومن الأمور التي يجب الانتباه لها أيضا ضرورة ضبط مشاعرنا الخاصة من عاطفة زائدة تجاه أحد الأبناء لأن ذلك قد يترك أثره السيئ في نفوس الأبناء الآخرين لذا كان أمر النبي صلي الله عليه وسلم بضرورة العدل بين الأبناء حتى في القبلة أخيرا لابد أن تسعى الأم لزيادة خبرتها التربوية والارتقاء بها ويمكن أن يتم ذلك من خلال مجالات عدة منها القراءة في الكتب التربوية وتفريغ جزء من وقتها لهذه المهمة استثمار اللقاءات العائلية في النقاش عن أمور التربية والاستفادة من آراء الأمهات الأخريات وتجاربهن في التربية أماما الحديث الذي يدور كثيرا في مجالسنا عن انتقاد الأطفال وأنهم كثيرو العبث والشقاوة وتبادل الهموم في ذلك أمر لا يفيد. الاستفادة من تجاربنا السابقة فالأخطاء التربوية التي وقعنا فيها مع الطفل الأول لابد أن نتداركها مع الطفل الثاني.