أما الزوج فهو ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه صاحب القصة المشهورة التي طلب فيها مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة فقال له صلى الله عليه وسلم ( أعني على نفسك بكثرة السجود ) .
أما قصة زواجه رضي الله عنه فرواها الإمام أحمد في مسنده وغيره عن ربيعة الأسلمي رضي الله عنه قال كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ربيعة ألا تزوج قال قلت والله يا رسول الله ما أريد أن أتزوج ما عندي ما يقيم المرأة وما أحب ان يشغلنى عنك شيء فأعرض عنى فخدمته ما خدمته ثم قال لي الثانية يا ربيعة ألا تزوج فقلت ما أريد أن أتزوج ما عندي ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلني عنك شيء فأعرض عني ثم رجعت إلى نفسي فقلت والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يصلحنى في الدنيا والآخرة أعلم منى والله لئن قال تزوج لأقولن نعم يا رسول الله مرني بما شئت قال فقال يا ربيعة ألا تزوج فقلت بلى مرني بما شئت قال انطلق إلى آل فلان حي من الأنصار وكان فيهم تراخ عن النبي صلى الله عليه وسلم فقل لهم إن رسول الله أرسلني إليكم يأمركم ان تزوجوني فلانة لامرأة منهم فذهبت فقلت لهم ان رسول الله أرسلني إليكم يأمركم أن تزوجوني فلانة فقالوا مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله والله لا يرجع رسول رسول الله إلا بحاجته فزوجوني وألطفوني وما سألوني البينة فرجعت إلى رسول الله حزينا فقال لي مالك يا ربيعة فقلت يا رسول الله أتيت قوما كراما فزوجوني وأكرموني وألطفوني وما سألوني بينة وليس عندي صداق فقال رسول الله يا بريدة الأسلمي اجمعوا له وزن نواه من ذهب قال فجمعوا لي وزن نواة من ذهب فأخذت ما جمعوا لي فأتيت به النبي فقال اذهب بهذا إليهم فقل هذا صداقها فأتيتهم فقلت هذا صداقها فرضوه وقبلوه وقالوا كثير طيب قال ثم رجعت إلى النبي حزينا فقال يا ربيعة مالك حزين فقلت يا رسول الله ما رأيت قوما أكرم منهم رضوا بما أتيتهم وأحسنوا وقالوا كثيرا طيبا وليس عندي ما أولم قال يا بريدة اجمعوا له شاة قال فجمعوا لي كبشا عظيما سمينا فقال لي رسول الله اذهب إلى عائشة فقل لها فلتبعث بالمكتل الذي فيه الطعام قال فأتيتها فقلت لها ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هذا المكتل فيه تسع أصع شعير لا والله ان أصبح لنا طعام غيره خذه فآخذته فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما قالت عائشة فقال اذهب بهذا إليهم فقل ليصبح هذا عندكم خبزا فذهبت إليهم وذهبت بالكبش ومعي أناس من أسلم فقال ليصبح هذا عندكم خبزا وهذا طبيخا فقالوا أما الخبز فسنكفيكموه وأما الكبش فاكفونا أنتم فأخذنا الكبش أنا وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبخناه فأصبح عندنا خبز ولحم فأولمت ودعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هذه القصة أما الدروس والعبر منها فكثيرة ، نجملها فيما يلي /
• حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه وتلمس احتياجاتهم ، ومامنعت النبي مكانته عند ربه اهتمامه بخدمه والفقراء من أصحابه رضوان الله عليهم ، وفي هذا ضرب من التواضع بديع ، وتعليم للأمة على اهتمام المسؤول برعيته .
• محبة ربيعة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا كان ديدن الصحابة رضوان الله عليهم ، فلم يرد رضي الله عنه أن يشغله أحد عن هذه المحبة وتلك الملازمة .
• تبين القصة رجاحة عقل ربيعة رضي الله وتفكيره الصائب يتضح ذلك جلياً من قوله رضي الله عنه ( ثم رجعت إلى نفسي فقلت والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يصلحنى في الدنيا والآخرة أعلم مني لئن قال تزوج لأقولن نعم يا رسول الله مرني بما شئت ) .
• وفي فعل الأنصار رضي الله عنهم وإكرامهم لربيعة وسمعهم لطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم منقبة عظيمة ، تضاف إلى مناقبهم رضي الله عنهم كيف وقد زكاهم الله من فوق سبع سنوات ألم تسمعوا إلى قول الله جل في علاه ( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة ممآ أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) لقد بوب البخاري في صحيحه باب مناقب الأنصار وذكر الآية الماضية ، ويكفي الأنصار رضي الله عنهم شرفاً مارواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم لو أن الأنصار سلكوا واديا أو شعبا لسلكت في وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار فقال أبو هريرة ما ظلم بأبي وأمي آووه ونصروه أو كلمة أخرى .
• ثم من فوائد قصة زواج ربيعة رضي الله عنه مثلت القصة صورة من تكامل المجتمع المسلم وتعاونه أريتم كيف جمعوا له المهر والوليمة ، اجتمعوا وكانوا متمثلين للتشبيه الذي أراده النبي بالبنيان المرصوص ، أيه المسلمون إن علاقة المسلم بأخيه المسلم متينة قوية يشاركه في أفراحه وأتراحه أنظروا إلى ديننا العظيم كيف يجعل أجراً عظيماً لأعمال في هذا المقام خذوا على سبيل المثال لا الحصر الهدية – عيادة المريض – اتباع الجنازة –تفريج الكربة - الابتسامة – السلام – حق الجار - وغيرها كل تلك المعاملات بل العبادات تصب في هذا المصب العذب ، إذا استشعرنا تلك المعاني في حياتنا ومعاملاتنا أوجدنا مجتمعاً مثالياً متماسكاً متعاوناً .
• ثم أخيراً شرف هذا الزواج بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان أول ساهم في هذا الزواج ، الذي كان نتاجه فيما بعد ولداً لربيعة سماه فراساً .